كان عام 2020م شديد الوطأة على الجمهورية الإسلامية. فمن ناحية السياسة الخارجية، أثبتت إدارة ترامب أنها ستكمل إجراءات "الضغط الأقصى" على إيران بلا هوادة. حتى عندما اتخذت طهران خطوات للتصدي، فإن التكلفة الكلية للعقوبات التي تفرضها أمريكا، وعدم استجابة السياسيين الإيرانيين للمطالب الشعبية بالتغيير، عرضا إيران للاضطرابات الشعبية طوال العام. وفي الوقت نفسه، ضربت جائحة كورونا إيران بقوة كما هو الحال مع بقية العالم، ولكن الوضع تفاقم في إيران بسبب العقوبات الأمريكية. خططت طهران للتصدي للعقوبات الأمريكية عبر دعم الإنتاج المحلي، وخفض الاستهلاك، وزيادة تجارة مُقايضة البضائع مع دول الجوار، ولكن الوباء أطاح بهذه الخطط. لقد حاولت طهران في البداية استخدام الوباء كفرصة؛ لكسب التعاطف الدولي، وتقويض نظام العقوبات الأمريكية. لكن استمرار التزام الدول والشركات في جميع أنحاء العالم بالمطالب الأمريكية، وعدم التعامل مع إيران كان بمثابة جرس إنذار ثانٍ لطهران ينبهها لعزلة موقفها الدولي، وخطورة سياستها الخارجية.
فيما يتعلق بهرم السلطة في الجمهورية الإسلامية، فإن المخاوف بشأن صحة المُرشد الأعلى، علي خامنئي، البالغ من العمر 81 عاما شكّلت مصدرا آخر للقلق في صفوف النظام. ونتيجة للوباء، لم يظهر خامنئي إلا في عدد قليل من المُناسبات العامة، أو الاجتماعات مع المسؤولين.
المُرشد الأعلى هو -في النهاية- مركز النظام، ولن تتوقف تداعيات تهاوي هرم القيادة والسيطرة فقط داخل إيران، لكنها ستؤثر أيضا على المنطقة بشكل أوسع، طالما بقيت الولايات المُتحدة الأمريكية في مواجهة مع إيران.
للتخلص من أي شكوك، وللتقليل من خطر اندلاع حرب عرضية مع الأمريكيين، قِيل إن خامنئي أوصى كبار قادة الحرس الثوري بعدم الانتقام من إسرائيل في سوريا. ويعتقد خامنئي أن الانتقام الإيراني قد يمتد إلى حرب أوسع نطاقا، وهو السيناريو الذي قد يُفسد خطط خامنئي بشأن من سيخلفه في طهران.
جدير بالذكر أن خامنئي أشار مرارا وتكرارا طوال عام 2020م أنه يريد وصول شخص من صفوف المُتشددين لكرسي الرئاسة في انتخابات يونيو 2021م. ومقارنة بمكتب المُرشد الأعلى، فإن القصر الرئاسي لا حول له ولا قوة، ولكن الرئيس لا يزال يمتلك قيمة رمزية. فعندما طلب العديد من الأفراد الذين تربطهم صلات بالحرس الثوري أن يكون الرئيس القادم قائدا حازما يستطيع التعامل مع الأزمات العديدة التي تضرب البلاد، فُسِّر صمت خامنئي أمام هذه المطالب على أنه موافقة ضمنية.
لا ينبغي تضخيم حجم صراع أجنحة النظام الساعية للهيمنة السياسية، ولكن عام 2020م شهد عددا من اللحظات المُهمة التي تشير إلى أن الكفة توشك أن تميل بشكل واضح ناحية مُعسكر المُتشددين في العام المُقبل.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.