لا يزال هناك القليل من الأمل الذي صاحب وصول عمران خان لمنصب رئيس وزراء باكستان، فمنذ أن ترأس المُعارض السابق الحكومة في أغسطس عام 2018 تحت شعار مُحاربة الفساد في الوسط السياسي في البلاد، ومُحاسبة السياسيين الفاسدين، كان عمران خان يأمل أن يصحح الكثير مما ابتُليت به بلاده من مُؤسسات لا تمثل الشعب، وأنتجت ظُلما اجتماعيا، وضائقة اقتصادية. قدم عمران خان نفسه كرئيس حكومة شعبوي قادر على الارتقاء فوق المعارك السياسية، وتوحيد البلد المُنقسم. وبدلا من ذلك، وبعدما يقرب من عامين ونصف العام من توليه مقاليد الحكم، فإن باكستان اليوم لا تختلف كثيرا عن البلد الذي وعد عمران خان بتغييره بشكل جذري. كما أن الأسباب الأساسية للخلاف الداخلي في البلاد لا تزال قائمة. تجد حكومة عمران خان نفسها متورطة حاليا في مساحتين مألوفتين من الاضطرابات الداخلية، هما المُعارضة السياسية غير الراغبة في قبول الحكومة الحالية، وحالة السخط العام بسبب اقتصاد البلاد.
تكتسب الأحزاب المُعارضة لعمران خان زخما شعبيا، رغم تشويه سُمعة غالبية قياداتها العليا بسبب الإجراءات القضائية التي تتحكم فيها الحكومة. وتحت راية الحركة الديموقراطية الباكستانية شكلت أحزاب المُعارضة - التي لا يجمعها سوى الرغبة في الإطاحة بعمران خان - تحالفا قام لمُدة شهرين بحشد الموالين في جميع أنحاء البلاد ضد الحكومة التي يتهمها التحالف بعدم الكفاءة، خاصة في إداراتها للاقتصاد وجائحة كورونا التي لم تنته بعد. كما هددت الأحزاب بشل حركة الحكومة عبر استقالة جماعية من المجالس التشريعية الوطنية والإقليمية. وترغب تلك الأحزاب في منع الانتخابات المُقبلة لمجلس الشيوخ، وهي آخر سُلطة تحتفظ بها المُعارضة على المستوى الوطني. قد لا تملك المُعارضة حاليا الإطاحة بالحكومة، ولكن المُعارضة تأمل في خلق اضطرابات تكفي للدفع بالقوة الوحيدة القادرة على إطاحة الحكومة، وهي الجيش الباكستاني، رغم أن الحزب القائد للتحالف المُعارض لا يتوقف عن مُهاجمة قيادات الجيش؛ بسبب دعمهم للنظام.
بعيدا عن المُشاحنات الحزبية، يواجه عمران خان ارتفاع الغضب الشعبي النابع بالأساس من ارتفاع أسعار الخبز والسكر والبيض وزيوت الطعام، وغيرها من السلع الغذائية الأخرى. وفي حين أن هناك تحسنا في ميزان المدفوعات في باكستان، بالإضافة إلى مُؤشرات الاقتصاد الكلي في عام 2020، إلا أن هذه المُؤشرات لا معنى لها بالنسبة للمواطن الباكستاني البسيط الذي يشعر بضغط التضخم مع ارتفاع معدلات البطالة. وتعثر نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. كما يتزايد خروج رؤوس الأموال من السوق الباكستاني، فيما يهرب الاستثمار الأجنبي المُباشر.
فمُؤخرا تم إغلاق مصنع تجميع سيارات نيسان الذي كان ذا قيمة عالية، كما توقفت العمليات التشغيلية في مصنع صيني للإطارات على الطراز العالمي. وقد تسببت عمليات الإغلاق الناجمة عن تفشي جائحة كورونا في انكماش اقتصادي كبير، وزادت من الصعوبات التي تتعرض لها البلاد. تتحمل حكومة عمران خان الكثير من اللوم من وجهة النظر الشعبية؛ بسبب السياسات غير المُتسقة التي انتهجتها، إلى جانب المطالب المالية لصندوق النقد الدولي المُترتبة على اتفاق مع إسلام آباد. امتد النقد الموجه للحكومة المدنية إلى المُؤسسة العسكرية الباكستانية؛ بسبب اعتقاد سائد أنها توافق على الخطوط العريضة لسياسات عمران خان. وتصدت المُؤسسة العسكرية للانتقادات المُتزايدة بإغلاق العديد من القنوات التلفزيونية، وزيادة تكميم أفواه الصحف في البلاد. لكن، لا يبدو أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ولا القيادات العسكرية التي تُمكنه سيصلون في وقت قريب إلى حلول للأزمات المُتفاقمة الناجمة عن تصاعد المُعارضة السياسة، والمشاكل الاقتصادية.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.