الجدل المستمر (والمبالغ فيه إلى حد كبير) حول قرار أعضاء الكونغرس التقدميين بإعاقة إدراج مليار دولار في التمويل الإضافي لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المسمى بالقبة الحديدية، إلى جانب الـ 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية التي تتلقاها إسرائيل بالفعل، كشف عن تصدعات في داخل الحزب الديمقراطي وكذلك عن مدى إمكانية إجراء نقاش حقيقي حول القضايا المتعلقة بإسرائيل/فلسطين في واشنطن. وفي حين أن الكثير من الجدل الدائر حول القبة الحديدية (والذي تمرير التمويل لها في نهاية الأمر لم يكن موضع شك على الإطلاق) بدا غارقًا في الهستيريا والمبالغة، فقد طرح البعض حجة أكثر منطقية لتوفير تمويل إضافي لنظام القبة الحديدية. إحدى الحجج القياسية التي تم تقديمها في الأيام الأخيرة هي أن القبة الحديدية مهمة ليس فقط لإنقاذ حياة الإسرائيليين، ولكنها مهمة بنفس القدر (وربما أكثر أهمية) لإنقاذ حياة الفلسطينيين. وقد تكرر هذا الادعاء من قِبَل العديد من المحللين الأمريكيين والإسرائيليين، بل حتى من أعضاء في الكونغرس، ويبدو أن نفس الحجة قد لاقت قبولًا من عدد من الصحفيين أيضًا.

لكن، هل هذا صحيح حقًا؟

يجب أن يُذكر منذ البداية أنه لا توجد طريقة للبت بشكل قاطع بما قد يحدث أو لا يحدث في غياب القبة الحديدية. أولًا، كيف يمكن قياس "الأرواح التي تم إنقاذها"، والتي هي أساسًا احتمالية مناقضة للواقع؟ كما أنه من غير الممكن عزل تأثير القبة الحديدية عن العوامل الأخرى التي تحدد مدى خطورة نزاع معين، مثل مدة القتال، وطبيعة الهجوم الإسرائيلي (على سبيل المثال، القصف الجوي مقابل الاجتياح البري)، والعوامل السياسية والبيئة الجيوسياسية (تدخلات أطراف ثالثة ومدى جدية المحاولات الدبلوماسية وحتى السياسات الداخلية). أفضل ما يمكننا القيام به هو إلقاء نظرة على البيانات، لا سيما أعداد الضحايا من النزاعات السابقة – والتي للآسف هناك الكثير منها – للحصول على بعض التصورات أو الأنماط. هنا، تبدو البيانات واضحة إلى حد ما. ففي حين أن القبة الحديدية ربما حمت حياة الإسرائيليين، ليس ثمة دليل أنها قامت بأي شيء لتحمي حياة الفلسطينيين أو تقلل من الدمار على الجانب الفلسطيني – بل لعلها قد فعلت النقيض من ذلك.

الحجة التي يتم طرحها في أغلب الأحيان هي أن القبة الحديدية تقلل من احتمال شن اجتياح إسرائيلي بري، والذي سيؤدي في جميع الأحوال إلى وقوع خسائر كبيرة في كلا الجانبين. في حين أن هذا قد يبدو جيدًا من الناحية النظرية، إلا أنه لا يتوافق مع التجارب السابقة. إذ نجد أن اثنتين من آخر أربع حروب على غزة قد اشتملت على عمليات اجتياح بري بواسطة الجيش الإسرائيلي – واحدة في يناير/كانون الثاني 2009، قبل عامين من نشر القبة الحديدية، والأخرى في صيف 2014، بعد القبة الحديدية. غير أنه، وفقًا لأعداد الضحايا بحسب الأمم المتحدة (انظر الجدول أدناه)، كان إجمالي عدد القتلى لكلا الجانبين أعلى بكثير في عام 2014، على الرغم من نشر إسرائيل للقبة الحديدية، مقارنة بحرب 2008-2009: قُتِل 2251 فلسطينيًا و73 إسرائيليًا في عام 2014 في مقابل 1385 فلسطينيًا و10 إسرائيليين في حرب 2008-2009.

يعود ارتفاع عدد القتلى في عام 2014 جزئيًا إلى الطبيعة المطولة للحرب، والتي استمرت ضعف مدة الصراع في 2008-2009. لكن لا يوجد ما يشير على أن القبة الحديدية جعلت الحرب أقل فتكًا بالفلسطينيين. في الواقع، فإن العكس قد يكون صحيحًا. فبينما تؤدي الاجتياحات البرية عادة إلى خسائر عسكرية أكبر لكلا الجانبين، بما في ذلك مقتل 67 من قوات الدفاع الإسرائيلية بشكل غير مسبوق في عام 2014، فإن الهجمات الجوية الإسرائيلية قد أثبتت أنها أكثر فتكًا للغاية بالمدنيين الفلسطينيين.

يبدو أن الادعاء بأن القبة الحديدية تحمي أيضًا أرواح الفلسطينيين يرتكز على الاعتقاد السائد بأن عددًا أقل من القتلى الإسرائيليين سيؤدي في النهاية إلى قتل إسرائيل لعدد أقل من الفلسطينيين. لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. في الواقع، شهدت حرب 2014 بصورة متزامنة أعلى نسبة من القتلى المدنيين الفلسطينيين (75%، أو 1694 فلسطينيًا) وأقل نسبة من القتلى من المدنيين الإسرائيليين (8%، أو 6 إسرائيليين) مقارنة بأي صراع بين حماس وإسرائيل خلال الـ12 عامًا الماضية.

  2008-2009 2012 2014 2021
(فلسطيني) (إسرائيلي) (فلسطيني) (إسرائيلي) (فلسطيني) (إسرائيلي) (فلسطيني) (إسرائيلي)
المدة (أيام) 21 8 48 12
إجمالي الوفيات 1385 10 168 6 2251 73 260 10
من المدنيين غير متوفر 4 101 6 1694 6 130 9

المصدر: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأرض الفلسطينية المحتلة (OCHA)

على النقيض من ذلك، يمكن تقديم حجة قوية مفادها أنه من خلال تقليل الخسائر الإسرائيلية والاضطرابات الاقتصادية، توفر القبة الحديدية أساسًا لإسرائيل "وسادة" تمكنها من الاستمرار في القصف حتى يشعر قادتها بالرضا عن تحقيقهم لأهدافهم العسكرية – إلى جانب الهدف الذي يتسم بالذاتية الشديدة ويعتبر بعيد المنال وهو "استعادة قدرة إسرائيل على الردع". ببساطة، كلما قلّت التكلفة التي تدفعها إسرائيل، سواء من الناحية البشرية أو المادية أو السياسية، قلّ حافزها للتراجع عسكريًا أو "طلب السلام" عبر الدبلوماسية. قد يفسر هذا أيضًا الطبيعة الأطول والأكثر فتكًا لحرب غزة في عام 2014، والتي استمرت 48 يومًا وأودت بحياة 2251 فلسطينيًا و73 إسرائيليًا، مقارنة بالاحتدام الأخير في مايو/أيار 2021، والذي استمر 12 يومًا وأودى بحياة 260 فلسطينيًا و10 إسرائيليين.

كل هذا يثير سؤالًا جوهريًا حول ما إذا كان سلاح يبدو ظاهريًا له طابع دفاعي مثل القبة الحديدية، عند استخدامه في خدمة الإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي أو استمرار حصارها لغزة، أو ببساطة للسماح للقادة الإسرائيليين بتأجيل تسوية سياسية إلى أجل غير مسمى، هل لا يزال يمكن اعتباره دفاعيًا؟ ففي نهاية الأمر، بغض النظر عن موقف المرء من الجدل الحالي، لا يوجد ببساطة أي دليل يدعم الادعاء بأن القبة الحديدية تنقذ أرواح الفلسطينيين أو حتى تخفف العنف. في الواقع، من المرجح أن تكون قد أودت بحياة فلسطينيين من خلال تعميق صراع غير متكافئ إلى حد كبير بالفعل وتوسيع قدرة إسرائيل على تأجيل تسوية سياسية إلى أجل غير مسمى.

خالد الجندي هو كبير باحثين في معهد الشرق الأوسط وهو يدير أيضًا برنامج فلسطين والشؤون الإسرائيلية الفلسطينية بالمعهد. الآراء الواردة في هذا المقال هي خاصة به.

 


The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.