على عكس الإمارات العربية المتحدة، فإن السودان بلد هش سياسيًا واقتصاديًا يمر بتحول محفوف بالمخاطر. السودان ليس له دور إقليمي، وفي حين أن ثرواته الاقتصادية قد يتم دعمها بعد اتفاقية التطبيع مع إسرائيل والانفتاح الذي طال انتظاره مع الولايات المتحدة، فإن انتقاله السياسي واستقراره قد يتأثران سلبًا أيضا بالاتفاقية، التي لا تتمتع بالكثير من التأييد الشعبي.

ومع ذلك، فإن السودان هي واحدة من الدول الرئيسية المُطلة على البحر الأحمر، وانضمامها إلى المحور الإماراتي - المصري - الإسرائيلي يمنح تلك البلدان - وفي الخلفية، المملكة العربية السعودية - مزيدًا من التأثير في ذلك الممر المائي الحيوي والقرن الأفريقي. كما يساعدهم في مواجهة المنافسين الإقليميين الآخرين، وخاصة تركيا وقطر. على هذا الصعيد، هناك نقاش في بعض الصحف الإسرائيلية أن التطبيع بين إسرائيل و"أرض الصومال" أو "صوماليلاند" يمكن أن يكون التالي. الاتفاق لا يؤثر على الجغرافيا السياسية في البحر الأبيض المتوسط، ومع ذلك فإنه قد يساعد بشكل هامشي في تعزيز وجود هذا التحالف على الحدود الشرقية لليبيا.

الاتفاق يُضّعف من الموقف التفاوضي الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما أنه أيضًا يقوض من المحظورات القديمة ضد التطبيع مع إسرائيل. ليس واضحًا ما إذا كانت الدول العربية الأخرى ستأخذ خطوات للأمام في الأشهر المقبلة، على الرغم من أن الاقتصادات الكبيرة مثل المملكة العربية السعودية والمغرب قد تدرس تكلفة الفرصة البديلة لتأجيل الانفتاح على إسرائيل في حين تمضي اقتصادات إقليمية أخرى قُدما.

في المشرق العربي، أثار الاتفاق احتمال أن تُستغل في لبنان، المحادثات البحرية اللبنانية الإسرائيلية - بوساطة أمريكية - التي أطلقت مؤخرًا، من قبل الأمريكيين والإسرائيليين، لدفع لبنان نحو مزيد من المفاوضات السياسية. يعاني لبنان، مثل السودان، من ضائقة اقتصادية شديدة ويحتاج إلى دعم الولايات المتحدة لأي حزمة إنقاذ وإصلاح اقتصادي في نهاية المطاف. لكن الأوليغاركية الحاكمة المدعومة من حزب الله ستمنع بالتأكيد هذا المسار. في سوريا، بشار الأسد يحمل دائماً ورقة رابحة في جعبته، في حال احتاج إليها، وهي فتح محادثات مع إسرائيل. أما في الوقت الحالي، فقد ضمّن الدعم من إيران (وروسيا) بقاء نظامه، لكن إذا تعثرت إيران في المستقبل، فيمكنه استخدام هذه الورقة وإيجاد طريقة للنجاة في اللحظة الأخيرة.

ليس ثمة شك أن الشرق الأوسط - خاصة في خضم واحدة من أسوأ الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية منذ قرن - بحاجة ماسة إلى وقف تصعيد الصراع. إذا كانت الاتفاقيات الأخيرة جزءًا من اتجاه أوسع لبناء تعاون إقليمي، فهي إذن تُنذر بأمور جيدة. أما إذا كنا ببساطة نشهد بدلاً من ذلك إنشاء تحالف إقليمي جديد مُصمم لمواجهة وتصعيد الصراع مع تحالفين إقليميين آخرين، الإيراني والتركي، فقد يتجه الشرق الأوسط إلى جولة أخرى من الصراع المُكلف.
 


The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.