نجحت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بحذر في اجتياز اختبارها الذي دام 100 يوم، وهو تقليد عمره عشر سنوات للقادة العراقيين، إذ يُتوقع منهم تحسين الخدمات في إطار زمني قصير للغاية.

فقد تم دفع الكاظمي إلى القيادة في أعقاب ما أصبح فعليًا أول انتفاضة شعبية كبيرة في العراق بعد التحول الديمقراطي عام 2003، وهي الانتفاضة التي أطاحت بسلفه عادل عبد المهدي.

كان قرار رئيس الوزراء بتحديد يونيو 2021 موعدًا مؤقتًا للانتخابات مفاجئًا بالنسبة للنخب السياسية والمثقفين على حد سواء، إذ فاجأ النظام السياسي وأخذه على حين غرة. وقد حفزت هذه الخطوة الباحثين عن الكفاءات السياسية في بغداد، وباتوا يبحثون عن دماء شابة متعلمة وحيوية وطموحة  من أجل ضخها في المنظمات السياسية القائمة أو الجديدة، أو حتى المنظمات غير السياسية. وهذا كله يخلق فرصة لزرع بذور التغيير في المجتمع، إذا تم استغلال هذه الفرصة بشكل صحيح.

ومن المقرر أن يصل وفد عراقي رسمي إلى واشنطن لإجراء محادثات هذا الأسبوع، بعد نحو عام من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. فقد نزل الشباب العراقي العاطل عن العمل واليائس إلى الشوارع في الخريف الماضي للمطالبة بالتغيير، وهو تغيير يبدو أنهم أنفسهم لم يستوعبوا تعقيداته بالكامل حتى الآن. ببساطة، لقد أصبح طموحًا نقيًا، وربما حتى ساذجًا، يصبو للوصول إلى تحقيق أمة دون فساد ومحسوبية ونخبوية. إلا أن الحركة الاحتجاجية لا تزال ضعيفة كأداة للإصلاح الذي طال انتظاره، إصلاح يتمحور حول تحول جوهري في النظرة الجماعية للاقتصاد السياسي العراقي بعيدًا عن الريع.

يواجه العراق عبئًا اقتصاديًا واجتماعيًا ثقيلًا مع عودة الحياة إلى طبيعتها ببطء في بغداد. ستضيف الجهود المبذولة لمعالجة تأثير انخفاض أسعار النفط ومحاصرة وباء فيروس كورونا، مليار دولار على الدين العام. كان النصف الأول من عام 2020 قاسياً على العراق وهذه هي الأسباب: من المتوقع أن يُدفع 4.5 مليون عراقي إلى ما تحت خط الفقر وأن يصبح 42 في المائة من السكان عرضة للخطر. مع تدهور الصحة والظروف المعيشية والأمن المالي، من المتوقع أن يصل معدل الفقر إلى 31.7٪ في 2020، مقارنة بـ 20٪ في عام 2018. هذه التطورات لن تؤدي سوى إلى تفاقم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات القادمة، خصوصا في ظل توقعات بانخفاض أسعار النفط.

يتوقع العديد من العراقيين صدور كتاب أبيض موعود يمكن أن يؤدي إلى إصلاح اقتصادي طال انتظاره. ومن المتوقع أن تشمل جهود دعم القطاع الخاص، وإزالة الحواجز أمام الاستثمار الأجنبي، وخلق فرص عمل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ورغم ذلك، ونظرًا لأن هذه الحكومة والبرلمان انتقاليتان، فإن الأمل يكمن في أن يقوم القادمون بإنشاء برنامج تنمية وطنية متوسط المدى على أساس هذا الكتاب الأبيض. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيجدون من يناصرهم؟

قد يتجنب الكثيرون تأكيد الواضحات: هذه الحكومة وبحكم الواقع توصف بأنها حكومة واشنطن في العراق. يتعين على واشنطن أن تفكر بجدية في مستقبل تواجدها إلى ما بعد الانتخابات القادمة، من خلال النظر إليها خارج نطاق الأمن والمصالح الإقليمية الضيقة، والاستراتيجية التي تعتمد على شعار ممارسة "أقصى الضغوط" على طهران.

البيت الأبيض حاليا يعد في وضع يسمح له بتشجيع المنظمات المالية متعددة الأطراف، وحلفاء الخليج، ومجتمع الأعمال الأمريكي على توسيع تدابير دعم مختلفة للعراق: قروض، وحزم تحفيز، واستثمارات.

 ستكون هناك طبعا تنازلات وتحالفات سياسية إقليمية مطلوبة من بغداد، وهذا طبيعي.

هذه الرحلة ستحدد ما إذا كان النجاح النهائي لهذه الحكومة يفوق  توقعات واشنطن.

لكن مع دخول أمريكا رسميًا موسم الانتخابات الرئاسية في الفترة التي تسبق شهر نوفمبر موعد إجراء هذه الانتخابات، سيبقى السؤال: هل سيكون رضى فوريًا أم مؤجلًا في واشنطن؟

Read in English


The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.